القدس خالية من كل مظاهر الحياة الطبيعية
على غير عادتها، خلت مدينة القدس منذ أيام، لا سيما بلدتها القديمة ومحيط أسوار بلدتها التاريخية ومسجدها المبارك ومحيطه، من أي مظاهر للحياة الطبيعية، خاصة في مثل هذه الفترة من العام حيث كان يؤمّها آلاف الحجاج والسياح في مثل هذه الأيام، من مختلف أنحاء العالم، وتزامنا مع تحضيرات لاستقبال مئات آلاف المواطنين في شهر رمضان الفضيل برحاب الأقصى؛ إذ تبدأ الاستعدادات له مبكرا من قبل الأوقاف ولجان الحارات والأحياء المقدسية.
في القدس أجواء يخيّم عليها الهدوء، في ظل تقييد الحركة والحجر المنزلي، فيما تُحارب سلطات الاحتلال وتلاحق الفعاليات والمبادرات الشبابية للوقاية والحدّ من انتشار فيروس "كورونا" المستجد في مدينة القدس بكل الوسائل والأساليب العنصرية التي تتعاظم يوما بعد يوم؛ آخرها اعتقال محافظ المدينة وقبله وزير القدس، وتحرير مخالفات مالية لـ76 مُصليا بحي بيت حنينا بقيمة 500 شيقل لكل مُصل بدعوى عدم التقيد بتعليمات الطوارئ.
المطران المقدسي عطا الله حنا، قال لمراسلنا، "إن المقدسيين يجدون أنفسهم في هذه الأيام العصيبة بين مطرقة الاحتلال وسياساته، وسندان الكورونا".
ولفت المطران حنا الى أن اعتقال محافظ القدس عدنان غيث، ووزير القدس فادي الهدمي، مؤخرا يستهدف المقدسيين وقياداتهم الوطنية والدينية خاصة في زمن الكورونا.
وقال:" الاحتلال يقمع أي نشاط إغاثي في المدينة المقدسة، علما أن هذه النشاطات إغاثية وتحمل الطابع الانساني التضامني مع أبناء القدس في هذه الظروف".
وأشار إلى أن شباب القدس بادر إلى حملة تعقيم للمساجد وللكنائس والمؤسسات العامة والخاصة، إلا أن الاحتلال اعتقلهم ولاحقهم ومنعهم من ممارسة أي نشاط إغاثي في المدينة؛ في الوقت الذي لا يعمل الاحتلال على تعقيم المؤسسات والأحياء المقدسية والمقدسات الاسلامية والمسيحية في المدينة.
واختتم المطران حنا تصريحه بـ" إن سلطات الاحتلال ارتكبت جرائم كثيرة في بلادنا وبحق شعبنا ولكن ما تقوم به في هذه الأيام يعتبر أكثر فظاعة ومأساوية وظلما واستبدادا من أي وقت آخر".
وكان الاحتلال قد صادر قبل أيام مواد إغاثية وصادر عشرات الطرود الغذائية في قرية صور باهر جنوب شرق القدس؛ المخصصة للأسر المحتاجة في المدينة المقدسة، واعتدى على الشبان بالضرب المبرح وإلقاء القنابل الصوتية والغازية السامة، واعتقل عددا منهم.
وفي هذا السياق، قال رئيس لجنة أهالي حي وادي الحمص بقرية صور باهر "إن الاحتلال يحارب المبادرات الشبابية بالقدس ويستهدف الشبان المتطوعين في محاولة منه لفرض سيطرته على المدينة، ومنع أي فعالية أو نشاط لأي جهة خارجة عن سيطرته".
ولفت إلى أن توزيع المساعدات يعد شأنًا داخليًا فلسطينيًا لا يحق للاحتلال التدخل فيه، وأشار إلى أن عشرات الأسر الفقيرة في قرى جنوب القدس حُرمت من المساعدات جراء ممارسات الاحتلال، وخاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والتي فرضتها أزمة كورونا.
يُشار أنه وفي الوقت الذي تدعي فيه سلطات الاحتلال أن المقدسيين لا يلتزمون بالإجراءات الصادرة للوقاية والحد من فيروس "كورونا"، فإن عناصرها لا تراعي أي من هذه الإجراءات أثناء الاعتقال والملاحقة والتفتيش وتحرير المخالفات.
من جانبه، قال الناشط المقدسي فخري أبو دياب، وهو عضو لجن الدفاع عن أراضي سلوان: إن الاحتلال يحارب أي محاولة لدعم المقدسيين في ظل الظروف الصعبة هذه وتعطيل الحياة، ضمن استراتيجيته بفرض السيادية الأحادية على القدس ولكي يفقد أهل القدس ثقتهم بالمؤسسات الفلسطينية والعربية.
وأضاف "أن الاحتلال لا يريد مؤسسات ومجموعات شبابية تسد الفراغ والنقص المتعمد بالقدس، وتساهم في مساعدة المقدسيين ودعمهم بكافة الوسائل لتخطي أزمتهم ومجابهة الوباء، خاصة أنه لا يقوم بالتزاماته وواجباته المنوطة به وفقًا للقوانين الدولية".
وكان الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية د. مصطفى البرغوثي استنكر التمييز العنصري الخطير الذي يتعرض له الفلسطينيون في مدينة القدس المحتلة، والتمييز الفاضح ضدهم في تقديم الرعاية الصحية، والبنية التحتية التي يحتاجونها لحماية حياتهم في مواجهة وباء "الكورونا".
ووصف البرغوثي، في تصريح صحفي، ممارسات الاحتلال بالعنصرية البغيضة التي ترمي إلى تعطيل الجهود الفلسطينية لمقاومة "الكورونا" في القدس.
وبين مطرقة الاحتلال وسندان "كورونا" يستغيث المقدسيون لإنقاذهم وإجبار الاحتلال الإسرائيلي على عدم التعامل مع فلسطينيي القدس بتمييز عنصري وبإجراءات قمعية غير انسانية، بل والعمل على منع أي كارثة صحية أو اقتصادية أو اجتماعية قد تحل بأهل المدينة جرّاء اجراءات الاحتلال العنصرية، المتوازية مع انتشار الفيروس المستجد.
راسم عبد الواحد
خاص موقع مدينة القدس